"واشنطن بوست": القضاء الأمريكي يرفع الحظر عن أمر تنفيذي يقوّض الحقوق النقابية للعمال
"واشنطن بوست": القضاء الأمريكي يرفع الحظر عن أمر تنفيذي يقوّض الحقوق النقابية للعمال
رفعت محكمة استئناف فيدرالية أمريكية يوم الجمعة الحظر المفروض على أمر تنفيذي أصدره الرئيس دونالد ترامب، يهدف إلى تقييد الحقوق النقابية للعاملين الفيدراليين.
ووفقا لتقرير نشرته "واشنطن بوست"، ألغى القرار القضائي أمرًا سابقًا صدر عن محكمة أدنى، كان قد جمد تنفيذ الإجراء التنفيذي بعد دعوى رفعتها نقابة موظفي الخزانة الوطنية.
واستندت محكمة الاستئناف، التابعة لدائرة مقاطعة كولومبيا، إلى أن النقابة لم تُقدّم دليلاً كافيًا يُثبت وقوع "ضرر لا يمكن إصلاحه" إذا تم تنفيذ القرار خلال سير الدعوى القضائية ضده.
قانون العمل الفيدرالي
كان الرئيس ترامب قد أصدر في مارس أمرًا تنفيذيًا يقضي بعدم تطبيق بعض أجزاء قانون العمل الفيدرالي –الذي يضمن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية– على عدد كبير من الوكالات والمكاتب الحكومية.
شمل القرار وزارات رئيسية مثل الخزانة والدفاع وشؤون المحاربين القدامى والخارجية والعدل، إلى جانب وكالات أخرى من بينها إدارة الغذاء والدواء، ومكتب إدارة الأراضي، ومراكز السيطرة على الأمراض.
قدرت نقابة موظفي الخزانة (NTEU) أن هذا القرار يمس نحو ثُلثي القوى العاملة الفيدرالية، وهو ما دفعها إلى رفع دعوى قضائية تطعن في دستوريته ومشروعيته.
الانقسام القضائي والسياسي
تألفت هيئة المحكمة من ثلاثة قضاة، حيث أيد القرار كلٌّ من القاضيين كارين ليكرافت هندرسون، المعينة من قبل الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، وجاستن ر. ووكر، المعيّن من قِبل ترامب.
وعارضت القرار القاضية جي. ميشيل تشايلدز، وهي مُعيّنة من قبل الرئيس السابق جو بايدن، وعدت القرار قد يُقوّض حقوق العاملين الفيدراليين.
وأوضح قرار المحكمة أن إدارة ترامب التزمت بعدم إلغاء اتفاقيات التفاوض الجماعي حتى البت النهائي في الدعوى القضائية، لكن المحكمة عدت استمرار الحظر يُضعف سلطة الرئيس في قضايا تتعلق بالأمن القومي.
الأمن القومي وسط جدل قانوني
أكد الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب أن قوانين العمل النقابي لا تنطبق على وكالات "تضطلع بوظائف أساسية في مجال الأمن القومي أو الاستخبارات أو التحقيقات".
سمح القانون الفيدرالي للرئيس باستثناء وكالات معينة من الحماية النقابية إذا كان ذلك يخدم مصالح الأمن القومي، وهو ما استند إليه فريق الدفاع عن القرار.
جادلت النقابة بأن معظم الوكالات المشمولة في القرار، مثل لجنة الاتصالات الفيدرالية ومراكز السيطرة على الأمراض، لا تُمارس أعمالًا تُصنَّف على أنها "ذات طابع أمني".
رد النقابات
صرّحت رئيسة الاتحاد، دورين غرينوالد، في بيان صحفي الشهر الماضي أن "هذا الإجراء لا علاقة له بالأمن القومي، بل هدفه الحقيقي هو تسهيل فصل الموظفين الفيدراليين وتقليص حماية حقوقهم".
لم تُجب النقابة فورًا على طلب التعليق الموجَّه إليها ليلة صدور القرار، لكن مواقفها السابقة توضح تمسكها بالدفاع عن حق الموظفين في التفاوض الجماعي.
أشارت النقابة إلى أن القرار يُهدد بإضعاف دورها التمثيلي في أكثر من 37 وكالة ومكتبًا فيدراليًا تمثلها.
هيكلة الجهاز الحكومي
تبنّت إدارة ترامب نهجًا يقوم على تقليص البيروقراطية الحكومية، وإعادة هيكلة عدد من الأجهزة الفيدرالية.
سعت الرئاسة إلى تفويض جهات خاصة في تقديم بعض الخدمات الحكومية، وتحدثت تقارير إعلامية عن التعاون مع شركات، منها تلك التي يشرف عليها رجال أعمال كبار مثل إيلون ماسك.
واجهت هذه السياسة موجة من الطعون القضائية، لا سيما من قِبل النقابات التي رأت فيها تهديدًا مباشرًا لحقوق الموظفين.
وبرّرت المحكمة قرارها بأن استمرار الحظر يُعطّل صلاحيات الرئيس، خاصة تلك التي تتعلق بالأمن القومي، وهي صلاحيات "أقرّها الكونغرس بشكل واضح".
وأشارت المحكمة إلى أن القضاء يجب أن يتحلّى بالحذر عندما يتعلّق الأمر بتدخله في قضايا الأمن القومي، وهي منطقة "يتحمّل فيها الرئيس مسؤولية فريدة من نوعها"، بحسب تعبير القرار.
وفتح هذا القرار الباب أمام احتمالات تصعيد جديدة، سواء على مستوى القضاء أو في ساحة السياسة الداخلية الأمريكية، وسط تصاعد الجدل حول صلاحيات الرئيس وحدود التدخل النقابي.